وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ... ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ [الفرقان ٥٨].
الشرح
قوله تعالى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ التوكل: صدق الاعتماد على الله تعالى في جلب ما ينفع ودفع ما يضر، مع الثقة به سبحانه وعدم تعطيل الأسباب الصحيحة.
ما معنى عدم تعطيل الأسباب الصحيحة؟
يعني: الأخذ بالأسباب الصحيحة الشرعية، أما إن كانت غير شرعية فهذا غير مشروع.
والأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله ﷿، بل هو من صلب التوكل، وقد جاءت بذلك النصوص، قال تعالى: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ [مريم: (٢٥)]، ومن السنة هجرة النبي من مكة إلى المدينة؛ فهي من فعل الأسباب الشرعية، ومن ذلك استخفاء النبي في غار حراء، ومن ذلك قوله ﷺ: «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بالله وَلَا تَعْجِزْ» (^١).
والاستعانة بالله ﷿ هي الاعتماد عليه، وقوله: «وَلَا تَعْجِزْ»: أمر بالأخذ بالأسباب، وهذا من أقوى الأدلة على الأخذ بالأسباب الشرعية الصحيحة.
والخلاصة: عظم منزلة التوكل على الله تعالى والاعتماد عليه، وعدم الاعتماد على الخلق أو الاعتماد على قدرات الإنسان، فقدراته -مهما كانت- ضعيفة، ومن اعتمد على الخلق أو على نفسه خذله الله ﷿.